السبت، 4 فبراير 2012

الحكم على عادل إمام بإزدراء الدين الإسلامي إساءة للإسلام



الحكم عادل إمام بإزدراء الدين 
خبر صغير في حجمه، كبير في مضمونه، مخيف للغاية تداولته الصحف والمواقع الإلكترونية كان عنوانه "الحكم بحبس عادل إمام ثلاثة أشهر بتهمة ازدراء الدين" تاه في زمرة أحداث مآساة ستاد بورسعيد، ولم يأخذ حجمه الحقيقي من التحليل والمناقشة.
وذكرت بوابة الأهرام ، وجريدة المصري اليوم ، أن الدعوى القضائية قد أقامها عسران منصور المحامي ، متهماً فيها إمام بتقديم أعمال مسيئة للدين وزيه ، والاستهزاء بمرتدي الجلباب واللحية ، واستشهد صاحب الدعوى التي أقيمت على الفنان الكوميدي بأفلام مثل "الإرهابي" ، "مرجان أحمد مرجان" ، "حسن ومرقص" ، من أجل إثبات صحة دعواه ليحكم المستشار محمد عبد العاطي ، حكماً غيابياً ، بحبس الفنان عادل إمام لمدة ثلاثة أشهر مع الشغل ، وغرامة 1000 جنية.
وهكذا صدر أول حكم قضائي - كسابقة أولى - في تقييد الإبداع، وبات محظوراً على المبدعين وصناع السينما والدراما إستخدام أي رموز إسلامية في أعمالهم، إلا لا سمح الله كملائكة منزهين عن الخطأ، وكأنه لا يجوز أن يوجد صاحب لحية مرتشي، أو منقبة تدير أعمالاً غير قانونية، وكأن الدين الإسلامي العظيم قد تم إختزاله في جلباب ولحية ونقاب.
من المدهش أن حكماً كهذا يسيء للدين الإسلامي الحنيف أكثر من كافة الأعمال السينمائية التي تم إنتاجها منذ إختراع السينما، لأن الله خلق الإنسان وأنعم عليه بنعمة العقل ليبدع ويطور الحياة على الأرض، لهذا ولأن الدين شريعته بين الناس فمن المستحيل أن يضع أي دين سماوي قيود على حرية الفكر والإبداع، لكن بعد تدهور الحال الذي وصلنا إليه، وإفتقاد الكثيرين من مدعي التدين القدرة على الوصول إلى طبيعة الإسلام السمحة والإكتفاء بالقشور، نصل إلى حكم كهذا.
بل ويضع هذا الحكم أيضاً بعض الناس أوصياء على الشعب المصري، يصرحون بما يرضونه ويرفضون ما لا يعجبهم، وكأنه شعباً لا يعرف دينع ولا ربه، وظهور شخصية إسلامية شريرة في الفيلم قد يحيد بهم عن الطريق الصحيح، وكأن من خان صلاح الدين في عكا لم يكن مسلماً، وكأن من سلم مصر للإنجليز وخان عرابي لم يكن مسلماً، وكأن من يحبس ويقتل الشعوب العربية في كل بلد ليس مسلماً، أفيقوا يرحمكم الله.
ويكفيني ختاماً لهذا المقال ما قاله الإمام محمد الغزالي رحمه الله عن مثل من رفع تلك الدعوى "إن المسلمين القادمين إلى العالم الجديد يحملون معهم كما قلت من قبل أدرانهم الفكرية ٬ وجراثيم العفن الخلقي الذي أزرى بهم وبدينهم على سواء!! أترى الاسلام يحرز نصرا في ميادين الدعوة بهذا التفكير؟ ماذا لو عولجت هذه القضايا الثانوية على مكث ٬ وتركت وجهات النظر الغالبة أو المغلوية تحيا كيفما اتفق ٬ وتعاون الجميع على خدمة العقائد والأخلاق والعبادات المجمع عليها وما أكثرها وبقيت الأمور الخلافية معفلة ٬ أو ماضية على أي وجه؟ إنني بعد ما بلوت أصحاب هذه القضايا استقر عندي أن القوم يتعصبون لأنفسهم! وأن العناد واللجاج مظهر للغلب الشخصي تحت ستارمن اسم الله ٬ وحقائق الدين!! إنهم يفقدون نكران الذات ٬ وإيثار الله ٬ ومصلحة الإسلام العليا! إن هؤلاء الناس محتاجون إلى مزيد من التربية الخلقية والزكاة النفسية والتعلق بالآخرة. أما عناوين السلف والخلف فهي قشور ..وحاجة الإسلام إلى الفقه الذكي مثل حاجته إلى النية الصالحة ٬ ولن يفيده مخلص أحمق ٬ ولا عالم مفتون!"



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق