حكومة عـصام شرف فى مائة يـوم
كلمة عـصام شرف فى مائة يـوم
شاهد كلمة عـصام شرف فى مائة يـوم
تفاصيل عن الخبر
بعد مرور 100 يوم على توليه رئاسة مجلس وزراء ما بعد ثورة «25 يناير»، التي أطاحت بحكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، يقول سياسيون مصريون إن الدكتور عصام شرف، لم يتمكن من حل الكثير من المشكلات العالقة وإنه يعمل بآلية إصلاحية يشوبها البطء وعدم الحسم.. إلا أن الحس الشعبي المصري، الذي طالما شعر بتعالي المسؤولين من معتلي الكراسي، التمس في شرف إنسانية رفيعة جعلت الشارع المصري في كثير من الأوقات أكثر تفهما وتقبلا لسقطات أو كبوات قد تصدر عن رئيس لحكومة تصريف للأعمال بما له من صلاحيات محدودة، وخطوات مقيدة. لكن الدكتور شرف، الذي يشفق عليه غالبية المصريين من جسامة المهمة والمولود سنة 1952 في محافظة الجيزة المجاورة للقاهرة، يدافع عن مسيرة حكومته التي أخذت شرعيتها من وسط جماهير الثورة بميدان التحرير بالعاصمة في الثالث من مارس (آذار) الماضي. ويحتاج شرف إلى مزيد من الوقت لكي تظهر نتيجة سياساته في دولة محورية بمنطقة الشرق الأوسط، يزيد عدد سكانها على ثمانين مليون نسمة، ومثقلة بمناخ من الفساد خلفه النظام السابق، وهو ما يردده أيضا عدد من وزراء حكومته، والتي ضمت في صفوفها اثنين من المعارضين (من حزبي الوفد والتجمع) في تقليد لم تعرفه مصر منذ عقود.
بيد أن هذا التقليد لم يشكل فارقا لدى الغالبية الساحقة من المواطنين الذين يبحثون عن ثمار الثورة: الاستقرار وفرص العمل وزيادة الأجور والوحدة الوطنية وضمان التبادل السلمي للسلطة. رغم أن بعض السياسيين يدعون لالتماس الأعذار للدكتور شرف، قائلين إنه يكفي أن تلقي نظرة على مكتبه المكدس بالأوراق والمشكلات الفئوية والأمنية والسياسية والاقتصادية التي يعمل على حلها على مدار الساعة، حيث لا يمكن حل كل المشكلات بين عشية وضحاها.
تولى شرف المسؤولية حين كلفه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد، بتشكيل الحكومة (حكومة تسيير الأعمال) خلفا للفريق أحمد شفيق الذي استقال من رئاسة الوزراء في اليوم ذاته.
وتحت ضغط البطالة وارتفاع الأسعار والخوف من البلطجية واللصوص، لم يعد غالبية المصريين يرى ميزة في تناول رئيس وزراء مرحلة ما بعد الثورة أقراص الطعمية في محلات الفول الشعبية، رغم أن هذا التقليد لم يقم به أي مسؤول في البلاد بتلك العفوية والبساطة التي ظهر بها الدكتور شرف.
وبمناسبة مرور مائة يوم على توليه منصبه بدأ البعض يفتش في أوراق شرف القديمة، ويقارن بين سياسات النظام القديم وسياسات النظام الجديد. وكثر الحديث أيضا عن أن شرف كان عضوا في المجلس الأعلى للسياسات الذي كان يرأسه جمال مبارك المحبوس حاليا رهن التحقيقات.
لا ينكر شرف ذلك الماضي الملتبس، ويذكر في حوار مع صحيفة «المصري اليوم» الخاصة، في 24 أغسطس (آب) من العام الماضي أنه عضو في المجلس الأعلى للسياسات. كما كان وزيرا في حكومة رجال الأعمال في عهد مبارك، كوزير للنقل والمواصلات عامي 2004 و2005، لكنه أثناء الثورة شارك في مظاهرات نظمها أساتذة الجامعات ضد نظام مبارك، وتوجهت من جامعة القاهرة إلى ميدان التحرير سيرا على الأقدام.
لكن الواقع الجديد يبدو أنه سيشكل ضغطا على شرف، فحال المصريين يعكس سأما من وعود بلا تنفيذ، يقول سياسيون إنها أصبحت لافتة لحكومة شرف؛ فالانفلات الأمني مستمر، ومعه تدهور اقتصادي وفتنة طائفية ومستقبل سياسي غامض، في ظل استمرار وجود المجالس المحلية التي تضم أكثر من 50 ألف قيادي من حزب مبارك بمحافظات الجمهورية، أضف إلى ذلك اقتراب موعد انتخابات البرلمان دون حسم الموقف من إجرائها أو تأجيلها.
ورغم ما في حكومة شرف من الإيجابيات، فإن السلبيات يبدو أنها هي السمة الغالبة عليها برأي السياسيين. ينظر مجدي أحمد حسين، الأمين العام لحزب العمل، والذي تم الحكم عليه بالحبس في ظل نظام مبارك بسبب دخوله قطاع غزة قبل عامين، وأطلقت ثورة «25 يناير» سراح حزبه بعد أن ظل مجمدا طيلة 33 عاما، يقول إن هذه الحكومة بها إيجابيات وسلبيات، لكن المحصلة النهائية سلبية.. «الإيجابيات الموجودة لا فضل للحكومة فيها مثل الحريات العامة التي انتزعتها ثورة 25 يناير».
ويستطرد حسين قائلا إن حكومة شرف نفسها اتخذت إجراءات ضد الحرية والديمقراطية.. «في عهدها حصلت محاكم عسكرية لصحافيين وقضاة، وتم منع الاعتصامات (التي تتسبب في تعطيل العمل بالمؤسسات)». ويضيف: «أما في المسائل الأخرى الخارجية والاقتصادية، فإن حكومة شرف تسير على نفس الخطى القديمة التي كان يسير عليها نظام الحكم السابق».
ومن السياسات التي يرفضها حسين قيام شرف بـ«عمل علاقات قوية مع صندوق النقد الدولي بشروط، وهذا كنا نرفضه أيام مبارك، وكذا استمرار تصدير الغاز لإسرائيل. مثل هذه السياسات تجعلني أقول إن من يحكم مصر الآن هي لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحل».
وعن الأسباب التي تجعله يفسر الأمور على هذا النحو، يقول مجدي أحمد حسين: «حكومة شرف تتبع نفس التوجهات القديمة في الأمور الاقتصادية.. الكلام المسطح عن الاقتصاد الحر الذي تجاوزه الغرب بينما الغرب نفسه يتجه الآن نحو تدخل الدولة بشكل مكثف لإنقاذ الاقتصاد، ما بالك ببلد يحتاج للتنمية مثل مصر».
وعلى الرغم من أن رئيس حزب العمل محسوب على ثورة «25 يناير» والمشاركة فيها بقوة، من خلال أنصاره الذين وقفوا مع الملايين في ميدان التحرير لمؤازرة شرف، فإنه يقول: «رئيس الوزراء يتحمل مسؤولية الدعوة لتأجيل الانتخابات البرلمانية والدعوة لإلغاء استفتاء الدستور الأخير.. ما يقوم به يخالف قاعدة سياسية متفقا عليها».
«أولا هذه الحكومة ما زالت تعطي الوعود بغض النظر عن التنفيذ». هكذا يقول عبد الحميد كمال، النائب المعارض المنتخب في البرلمان المصري السابق عن محافظة السويس الساحلية صاحبة أكبر نصيب من القتلى في بداية ثورة «25 يناير».
يضيف كمال: «من المفترض أن يكون لشرف أولويات، على رأسها الأمن، لأن الانفلات الأمني لم يتوقف، وما زال الخارجون على القانون يهددون الناس. هذا أمر معطل للعملية الاقتصادية والاجتماعية.. كما أن الحديث عن المشاريع القومية أصبح قعقعة بلا طحن».
ويزيد: «كلها مشاريع وهمية لم تتم دراستها دراسة متأنية، والدليل أن موازنة الحكومة الجديدة لعام 2011 /2012 لم ترصد مليما واحدا على (الاستمرار في) مشروع تنمية خليج غرب السويس القائم بالفعل. أقول إن الحديث الحكومي عن المشاريع القومية الجديدة هو بيع للوهم من جديد للمواطن المصري، كما كان يفعل النظام السابق».
ويرصد عبد الحميد كمال ما يرى أنه «تخبط شديد لحكومة شرف في تحديد الأوليات للأوضاع السياسية التي سيترتب عليها كل شيء في البلد.. ما زال هناك تخبط بين موعد الانتخابات البرلمانية.. هل الانتخابات أولا أم وضع دستور جديد أولا»، مشيرا إلى أن عملية التخبط السياسي هذه تشمل أيضا الموقف المتذبذب تجاه المجالس المحلية، والإقدام على حلها من عدمه، وطريقة إجراء الانتخابات الخاصة بها».
ماذا يريد عبد الحميد كمال من شرف؟ يجيب قائلا: «من المفترض أن يتم حل المجالس المحلية مثلما تم حل مجلسي (البرلمان) الشعب والشورى.. لكن الحكومة تتحجج بالمواءمة.. وهي حجج واهية. هذه الحكومة ليست حكومة ثورية، وإلا ما معنى استمرار المجالس المحلية التي يوجد بها نحو 54 ألف عضو بينهم 99.8 من الحزب الوطني الحاكم الذي تم حله».
وتعبر ردود المصريين بشأن ما يحتاجونه من شرف عن الكثير من الطموحات المقرونة بخيبة الأمل، مثلما يقول عبد الحميد كمال الذي يضيف أيضا أن هناك الكثير من التحديدات التي يرى أن حكومة شرف لم تقترب منها رغم مرور مائة يوم على تشكيلها.. «التحديات الأخرى كثيرة منها تحديات التشغيل. كل الوزارات التي أعلنت عن فرص عمل من خلال البريد الإلكتروني والعناوين البريدية الأخرى لم يتم النظر فيها حتى الآن. إذن ماذا تنتظر حكومة شرف».
يقول البعض إذا أردت أن تقيس الحال الذي عليه مصر فعليك أن تلقي نظرة على العاصمة. وحال العاصمة يلخصه العضو المنتخب بالمجلس الشعبي المحلي لمحافظة القاهرة بقوله: «إنها رجعت للوراء 30 سنة، توجد حالة من اختلاط الأوراق في كل مكان. يبدو أن لا أحد يدرك بشكل واضح الطريق الذي تسير فيه البلاد. فمحافظ العاصمة توقف عن حضور اجتماعات المجلس، مما خلق مشكلة قانونية انعكست على إدارة العمل اليومي في أكبر مدن مصر.
وينص القانون الساري على ضرورة انعقاد اجتماعات هذا النوع من المجالس في مواعيدها، بينما أغلبية أعضائها ينتمون لحزب مبارك. وهذه المعضلة منتشرة في عموم البلاد. وعدم حلها يفاقم الأوضاع، والمواطن هو الذي يدفع الثمن في النهاية، خاصة أن مشكلات القاهرة كبيرة ومتفاقمة.. هذا شيء غريب، لأن هناك مجالس أخرى تمارس نشاطها بشكل طبيعي». ولم تتمكن حكومة شرف من حسم الأمر. وقال مصدر مقرب من محافظ العاصمة، عبد القوى خليفة، إنه يخشى من الصدام مع أعضاء المجلس المنتمين للحزب الحاكم سابقا والمنحل حاليا.
لكن إذا استمر الحال على هذا النحو رغم مرور 100 يوم على حكومة شرف، فإن أحوال العاصمة والمحافظات ستدهور أكثر، ملقيا باللوم على من سماهم فوضى المجموعات التي تتحدث باسم الشعب، وهو يرى أن هذه المجموعات التي تهدد كل يوم وآخر بتنظيم اعتصامات وإضرابات، تعطل دولاب الإدارات الحكومية، إضافة إلى شح أموال الدولة وهروب المستثمرين، وتوقف الكثير من وسائل الإنتاج عن العمل.
ومع ذلك يحاول أنصار ثورة «25 يناير» مؤازرة الدكتور شرف إلى النهاية من خلال العمل التطوعي لرفع القمامة وطلاء الأرصفة وتنظيم المرور في العديد من ضواحي العاصمة والمحافظات. وساعد شبان ومتطوعون أجهزة محافظة القاهرة على رفع القمامة من عدة ضواح لتعويض نقص عربات رفع القمامة، وهي معاناة تعكس الفقر الذي تعاني منه موازنة حكومة شرف المطلوب منها خلق فرص عمل وسداد رواتب ملايين الموظفين، وإعادة بناء جهاز الشرطة وغيرها.
الدكتور شرف يحارب على عدة اتجاهات في وقت واحد، ومع ذلك يحقق نتائج لا بأس بها. هذا ما يراه بعض السياسيين الآخرين. ويقول جورج إسحق القيادي في حركة «كفاية» التي شاركت بقوة في ثورة «25 يناير» إن حكومة شرف، بعد مرور 100 يوم على تشكيلها، ما زال لديها «مشكلات فئوية وأمنية واقتصادية». لكنه يضيف أن «الرجل (شرف) يحارب في عدة اتجاهات. عليك أن تنظر إلى مكتبه المكدس بأوراق تتضمن مشكلات فئوية وأمنية وسياسية واقتصادية تحتاج إلى حلول.. هو أنجز في قضية الأمن. وبدأ رجال الشرطة يوجدون في الشارع. كما تراجع السحب من الاحتياطي النقدي للبلاد.. لكن هناك حاجة لمزيد من العمل والجهد، لأن الأداء بطيء إلى حد ما».
وعن سبب بطء العمل من وجهة نظره، يقول إسحق إن هذا «لأن رجال مبارك ما زالوا موجودين في كل مكان.. لأن العقلية لم تتغير.. وكما يقول المثل: السكين مستمر في العمل والأيدي فقط هي التي تتغير. نريد من شرف مزيدا من الحسم.. ومع ذلك أداؤه ليس سيئا».
أما الدكتور محمد حبيب النائب السابق لمرشد جماعة الإخوان المسلمين، التي لعبت دورا في تصعيد الاحتجاجات الشعبية ضد نظام مبارك خلال ثورة «25 يناير»، فينظر إلى الأمر بطريقة مختلفة. فهو لا يحمل حكومة شرف وحدها المسؤولية، لأن الدولة يوجد بها مجلس عسكري يحكم البلاد منذ تخلي مبارك عن سلطاته. يقول الدكتور حبيب: «لا شك أن حكومة شرف ليست وحدها، وإنما هي تعمل في إطار المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يقوم بدور سياسي وتشريعي وله (تأثير) في إدارة الدولة».
ويتابع حبيب قائلا: «وبالتالي أتصور أن أي أمر له حيثية ما، يعرض على المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى يقول فيه رأيه.. نحن طبعا شعرنا أن هناك شخصيات فُرضت على مجلس الوزراء من رجال النظام البائد، وكانت هناك علامات استفهام حول هذا.. كما أن هناك شبكات فساد في الداخلية والإعلام وفي المجالس المحلية التي لم يتم تفكيكها بعد، وأظن أنها لن تفكك».
ويتحدث الدكتور حبيب عما يسميه التراخي في حسم بعض الأمور. ويقول: «هناك في الواقع نوع من التراخي وعدم الحسم في كثير من القرارات و(هناك) إعطاء فرصة لفلول من وزارة الداخلية (السابقة) والحزب الوطني (المنحل) في إثارة القلاقل والفتن واستدراج حتى إخوة النضال والكفاح إلى قضايا ليس هذا محلها ولا أوانها».
ويصف الدكتور حبيب تحركات الدكتور شرف من أجل إصلاح ما يمكن إصلاحه، بقوله إن «الرحلات المكوكية التي قام بها الدكتور عصام شرف جيدة، لا أحد يستطيع أن ينكرها، لكن مسألة العدالة الاجتماعية، وهي الهدف الثاني من أهداف الثورة، لم تؤخذ فيها الخطوات بعد، وبالتالي نحن ما زلنا على شاطئ البحر.. أما بالنسبة لمسألة الديمقراطية، فأرى أن الغموض يكتنف العملية السياسية، وأظن أن مسألة الجدل حول الدستور أولا أم الانتخابات أولا، (لا قيمة لها) دون أن يكون هناك نظر إلى مضمون ما ينبغي أن يكون في الدستور من مواد.. كما أن المعايير التي سوف يتم اختيار الهيئة التأسيسية التي ستقوم بتشكيل الدستور، معايير غير موجودة حتى الآن»
بيد أن هذا التقليد لم يشكل فارقا لدى الغالبية الساحقة من المواطنين الذين يبحثون عن ثمار الثورة: الاستقرار وفرص العمل وزيادة الأجور والوحدة الوطنية وضمان التبادل السلمي للسلطة. رغم أن بعض السياسيين يدعون لالتماس الأعذار للدكتور شرف، قائلين إنه يكفي أن تلقي نظرة على مكتبه المكدس بالأوراق والمشكلات الفئوية والأمنية والسياسية والاقتصادية التي يعمل على حلها على مدار الساعة، حيث لا يمكن حل كل المشكلات بين عشية وضحاها.
تولى شرف المسؤولية حين كلفه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد، بتشكيل الحكومة (حكومة تسيير الأعمال) خلفا للفريق أحمد شفيق الذي استقال من رئاسة الوزراء في اليوم ذاته.
وتحت ضغط البطالة وارتفاع الأسعار والخوف من البلطجية واللصوص، لم يعد غالبية المصريين يرى ميزة في تناول رئيس وزراء مرحلة ما بعد الثورة أقراص الطعمية في محلات الفول الشعبية، رغم أن هذا التقليد لم يقم به أي مسؤول في البلاد بتلك العفوية والبساطة التي ظهر بها الدكتور شرف.
وبمناسبة مرور مائة يوم على توليه منصبه بدأ البعض يفتش في أوراق شرف القديمة، ويقارن بين سياسات النظام القديم وسياسات النظام الجديد. وكثر الحديث أيضا عن أن شرف كان عضوا في المجلس الأعلى للسياسات الذي كان يرأسه جمال مبارك المحبوس حاليا رهن التحقيقات.
لا ينكر شرف ذلك الماضي الملتبس، ويذكر في حوار مع صحيفة «المصري اليوم» الخاصة، في 24 أغسطس (آب) من العام الماضي أنه عضو في المجلس الأعلى للسياسات. كما كان وزيرا في حكومة رجال الأعمال في عهد مبارك، كوزير للنقل والمواصلات عامي 2004 و2005، لكنه أثناء الثورة شارك في مظاهرات نظمها أساتذة الجامعات ضد نظام مبارك، وتوجهت من جامعة القاهرة إلى ميدان التحرير سيرا على الأقدام.
لكن الواقع الجديد يبدو أنه سيشكل ضغطا على شرف، فحال المصريين يعكس سأما من وعود بلا تنفيذ، يقول سياسيون إنها أصبحت لافتة لحكومة شرف؛ فالانفلات الأمني مستمر، ومعه تدهور اقتصادي وفتنة طائفية ومستقبل سياسي غامض، في ظل استمرار وجود المجالس المحلية التي تضم أكثر من 50 ألف قيادي من حزب مبارك بمحافظات الجمهورية، أضف إلى ذلك اقتراب موعد انتخابات البرلمان دون حسم الموقف من إجرائها أو تأجيلها.
ورغم ما في حكومة شرف من الإيجابيات، فإن السلبيات يبدو أنها هي السمة الغالبة عليها برأي السياسيين. ينظر مجدي أحمد حسين، الأمين العام لحزب العمل، والذي تم الحكم عليه بالحبس في ظل نظام مبارك بسبب دخوله قطاع غزة قبل عامين، وأطلقت ثورة «25 يناير» سراح حزبه بعد أن ظل مجمدا طيلة 33 عاما، يقول إن هذه الحكومة بها إيجابيات وسلبيات، لكن المحصلة النهائية سلبية.. «الإيجابيات الموجودة لا فضل للحكومة فيها مثل الحريات العامة التي انتزعتها ثورة 25 يناير».
ويستطرد حسين قائلا إن حكومة شرف نفسها اتخذت إجراءات ضد الحرية والديمقراطية.. «في عهدها حصلت محاكم عسكرية لصحافيين وقضاة، وتم منع الاعتصامات (التي تتسبب في تعطيل العمل بالمؤسسات)». ويضيف: «أما في المسائل الأخرى الخارجية والاقتصادية، فإن حكومة شرف تسير على نفس الخطى القديمة التي كان يسير عليها نظام الحكم السابق».
ومن السياسات التي يرفضها حسين قيام شرف بـ«عمل علاقات قوية مع صندوق النقد الدولي بشروط، وهذا كنا نرفضه أيام مبارك، وكذا استمرار تصدير الغاز لإسرائيل. مثل هذه السياسات تجعلني أقول إن من يحكم مصر الآن هي لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحل».
وعن الأسباب التي تجعله يفسر الأمور على هذا النحو، يقول مجدي أحمد حسين: «حكومة شرف تتبع نفس التوجهات القديمة في الأمور الاقتصادية.. الكلام المسطح عن الاقتصاد الحر الذي تجاوزه الغرب بينما الغرب نفسه يتجه الآن نحو تدخل الدولة بشكل مكثف لإنقاذ الاقتصاد، ما بالك ببلد يحتاج للتنمية مثل مصر».
وعلى الرغم من أن رئيس حزب العمل محسوب على ثورة «25 يناير» والمشاركة فيها بقوة، من خلال أنصاره الذين وقفوا مع الملايين في ميدان التحرير لمؤازرة شرف، فإنه يقول: «رئيس الوزراء يتحمل مسؤولية الدعوة لتأجيل الانتخابات البرلمانية والدعوة لإلغاء استفتاء الدستور الأخير.. ما يقوم به يخالف قاعدة سياسية متفقا عليها».
«أولا هذه الحكومة ما زالت تعطي الوعود بغض النظر عن التنفيذ». هكذا يقول عبد الحميد كمال، النائب المعارض المنتخب في البرلمان المصري السابق عن محافظة السويس الساحلية صاحبة أكبر نصيب من القتلى في بداية ثورة «25 يناير».
يضيف كمال: «من المفترض أن يكون لشرف أولويات، على رأسها الأمن، لأن الانفلات الأمني لم يتوقف، وما زال الخارجون على القانون يهددون الناس. هذا أمر معطل للعملية الاقتصادية والاجتماعية.. كما أن الحديث عن المشاريع القومية أصبح قعقعة بلا طحن».
ويزيد: «كلها مشاريع وهمية لم تتم دراستها دراسة متأنية، والدليل أن موازنة الحكومة الجديدة لعام 2011 /2012 لم ترصد مليما واحدا على (الاستمرار في) مشروع تنمية خليج غرب السويس القائم بالفعل. أقول إن الحديث الحكومي عن المشاريع القومية الجديدة هو بيع للوهم من جديد للمواطن المصري، كما كان يفعل النظام السابق».
ويرصد عبد الحميد كمال ما يرى أنه «تخبط شديد لحكومة شرف في تحديد الأوليات للأوضاع السياسية التي سيترتب عليها كل شيء في البلد.. ما زال هناك تخبط بين موعد الانتخابات البرلمانية.. هل الانتخابات أولا أم وضع دستور جديد أولا»، مشيرا إلى أن عملية التخبط السياسي هذه تشمل أيضا الموقف المتذبذب تجاه المجالس المحلية، والإقدام على حلها من عدمه، وطريقة إجراء الانتخابات الخاصة بها».
ماذا يريد عبد الحميد كمال من شرف؟ يجيب قائلا: «من المفترض أن يتم حل المجالس المحلية مثلما تم حل مجلسي (البرلمان) الشعب والشورى.. لكن الحكومة تتحجج بالمواءمة.. وهي حجج واهية. هذه الحكومة ليست حكومة ثورية، وإلا ما معنى استمرار المجالس المحلية التي يوجد بها نحو 54 ألف عضو بينهم 99.8 من الحزب الوطني الحاكم الذي تم حله».
وتعبر ردود المصريين بشأن ما يحتاجونه من شرف عن الكثير من الطموحات المقرونة بخيبة الأمل، مثلما يقول عبد الحميد كمال الذي يضيف أيضا أن هناك الكثير من التحديدات التي يرى أن حكومة شرف لم تقترب منها رغم مرور مائة يوم على تشكيلها.. «التحديات الأخرى كثيرة منها تحديات التشغيل. كل الوزارات التي أعلنت عن فرص عمل من خلال البريد الإلكتروني والعناوين البريدية الأخرى لم يتم النظر فيها حتى الآن. إذن ماذا تنتظر حكومة شرف».
يقول البعض إذا أردت أن تقيس الحال الذي عليه مصر فعليك أن تلقي نظرة على العاصمة. وحال العاصمة يلخصه العضو المنتخب بالمجلس الشعبي المحلي لمحافظة القاهرة بقوله: «إنها رجعت للوراء 30 سنة، توجد حالة من اختلاط الأوراق في كل مكان. يبدو أن لا أحد يدرك بشكل واضح الطريق الذي تسير فيه البلاد. فمحافظ العاصمة توقف عن حضور اجتماعات المجلس، مما خلق مشكلة قانونية انعكست على إدارة العمل اليومي في أكبر مدن مصر.
وينص القانون الساري على ضرورة انعقاد اجتماعات هذا النوع من المجالس في مواعيدها، بينما أغلبية أعضائها ينتمون لحزب مبارك. وهذه المعضلة منتشرة في عموم البلاد. وعدم حلها يفاقم الأوضاع، والمواطن هو الذي يدفع الثمن في النهاية، خاصة أن مشكلات القاهرة كبيرة ومتفاقمة.. هذا شيء غريب، لأن هناك مجالس أخرى تمارس نشاطها بشكل طبيعي». ولم تتمكن حكومة شرف من حسم الأمر. وقال مصدر مقرب من محافظ العاصمة، عبد القوى خليفة، إنه يخشى من الصدام مع أعضاء المجلس المنتمين للحزب الحاكم سابقا والمنحل حاليا.
لكن إذا استمر الحال على هذا النحو رغم مرور 100 يوم على حكومة شرف، فإن أحوال العاصمة والمحافظات ستدهور أكثر، ملقيا باللوم على من سماهم فوضى المجموعات التي تتحدث باسم الشعب، وهو يرى أن هذه المجموعات التي تهدد كل يوم وآخر بتنظيم اعتصامات وإضرابات، تعطل دولاب الإدارات الحكومية، إضافة إلى شح أموال الدولة وهروب المستثمرين، وتوقف الكثير من وسائل الإنتاج عن العمل.
ومع ذلك يحاول أنصار ثورة «25 يناير» مؤازرة الدكتور شرف إلى النهاية من خلال العمل التطوعي لرفع القمامة وطلاء الأرصفة وتنظيم المرور في العديد من ضواحي العاصمة والمحافظات. وساعد شبان ومتطوعون أجهزة محافظة القاهرة على رفع القمامة من عدة ضواح لتعويض نقص عربات رفع القمامة، وهي معاناة تعكس الفقر الذي تعاني منه موازنة حكومة شرف المطلوب منها خلق فرص عمل وسداد رواتب ملايين الموظفين، وإعادة بناء جهاز الشرطة وغيرها.
الدكتور شرف يحارب على عدة اتجاهات في وقت واحد، ومع ذلك يحقق نتائج لا بأس بها. هذا ما يراه بعض السياسيين الآخرين. ويقول جورج إسحق القيادي في حركة «كفاية» التي شاركت بقوة في ثورة «25 يناير» إن حكومة شرف، بعد مرور 100 يوم على تشكيلها، ما زال لديها «مشكلات فئوية وأمنية واقتصادية». لكنه يضيف أن «الرجل (شرف) يحارب في عدة اتجاهات. عليك أن تنظر إلى مكتبه المكدس بأوراق تتضمن مشكلات فئوية وأمنية وسياسية واقتصادية تحتاج إلى حلول.. هو أنجز في قضية الأمن. وبدأ رجال الشرطة يوجدون في الشارع. كما تراجع السحب من الاحتياطي النقدي للبلاد.. لكن هناك حاجة لمزيد من العمل والجهد، لأن الأداء بطيء إلى حد ما».
وعن سبب بطء العمل من وجهة نظره، يقول إسحق إن هذا «لأن رجال مبارك ما زالوا موجودين في كل مكان.. لأن العقلية لم تتغير.. وكما يقول المثل: السكين مستمر في العمل والأيدي فقط هي التي تتغير. نريد من شرف مزيدا من الحسم.. ومع ذلك أداؤه ليس سيئا».
أما الدكتور محمد حبيب النائب السابق لمرشد جماعة الإخوان المسلمين، التي لعبت دورا في تصعيد الاحتجاجات الشعبية ضد نظام مبارك خلال ثورة «25 يناير»، فينظر إلى الأمر بطريقة مختلفة. فهو لا يحمل حكومة شرف وحدها المسؤولية، لأن الدولة يوجد بها مجلس عسكري يحكم البلاد منذ تخلي مبارك عن سلطاته. يقول الدكتور حبيب: «لا شك أن حكومة شرف ليست وحدها، وإنما هي تعمل في إطار المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يقوم بدور سياسي وتشريعي وله (تأثير) في إدارة الدولة».
ويتابع حبيب قائلا: «وبالتالي أتصور أن أي أمر له حيثية ما، يعرض على المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى يقول فيه رأيه.. نحن طبعا شعرنا أن هناك شخصيات فُرضت على مجلس الوزراء من رجال النظام البائد، وكانت هناك علامات استفهام حول هذا.. كما أن هناك شبكات فساد في الداخلية والإعلام وفي المجالس المحلية التي لم يتم تفكيكها بعد، وأظن أنها لن تفكك».
ويتحدث الدكتور حبيب عما يسميه التراخي في حسم بعض الأمور. ويقول: «هناك في الواقع نوع من التراخي وعدم الحسم في كثير من القرارات و(هناك) إعطاء فرصة لفلول من وزارة الداخلية (السابقة) والحزب الوطني (المنحل) في إثارة القلاقل والفتن واستدراج حتى إخوة النضال والكفاح إلى قضايا ليس هذا محلها ولا أوانها».
ويصف الدكتور حبيب تحركات الدكتور شرف من أجل إصلاح ما يمكن إصلاحه، بقوله إن «الرحلات المكوكية التي قام بها الدكتور عصام شرف جيدة، لا أحد يستطيع أن ينكرها، لكن مسألة العدالة الاجتماعية، وهي الهدف الثاني من أهداف الثورة، لم تؤخذ فيها الخطوات بعد، وبالتالي نحن ما زلنا على شاطئ البحر.. أما بالنسبة لمسألة الديمقراطية، فأرى أن الغموض يكتنف العملية السياسية، وأظن أن مسألة الجدل حول الدستور أولا أم الانتخابات أولا، (لا قيمة لها) دون أن يكون هناك نظر إلى مضمون ما ينبغي أن يكون في الدستور من مواد.. كما أن المعايير التي سوف يتم اختيار الهيئة التأسيسية التي ستقوم بتشكيل الدستور، معايير غير موجودة حتى الآن»
شاهد حديث د. عصام شرف بعد 100 يوم على حكومة الثورة
شاهد ، مشاهدة ، حكومة عصام شرف ، تحميل ، اون لاين ، كلمة ، عصام شرف ، مجانا ،
بدون اشتراك ، عصام شرف في 100 يوم ، شاهد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق