الثلاثاء، 22 مايو 2012

المحظورات العشرة على الرئيس القادم

الأسرة الحاكمة 
أخطاء كثيرة يتعين على الرئيس الجديد عدم الوقوع فيها لتجنب حالة السخط الشعبى التى تحولت إلى ثورة أطاحت بالرئيس السابق حسنى مبارك، وقذفت به ونجليه وحاشيته إلى السجن فى انتظار المحاكمة.

وحتى يظل الرئيس الجديد، الذى ستبدأ إجراءات انتخابه يومى 23 و24 مايو الجارى، فى مأمن من ثورة جديدة تنادى بـ«إسقاط النظام» يجب أن يعود للوراء قليلاً، ويفتش فى أوراق الماضى القريب التى تحمل فى طياتها أخطاءً رئيسية ارتكبها مبارك طوال فترة حكمه وتضاعفت فى سنواته الأخيرة، وخلقت فجوة هائلة بينه وبين شعبه اتسعت يومًا تلو الآخر إلى الحد الذى ردد المتظاهرون فيه «الشعب يريد إعدام الرئيس».


وتدفع سخونة الشارع المصرى طوال الفترة الانتقالية منذ سقوط مبارك وحتى إجراء الانتخابات الرئاسية، سواء باشتعال المظاهرات الفئوية أو اختلاف القوى السياسية، إضافة إلى حالتى الاستقطاب الدينى والسياسى، يدفع كل هذا الرئيس المقبل، أيًا كانت خلفيته السياسية، إلى إحداث قطيعة واجبة مع أخطاء مبارك لتجنب أسهم النقد التى ستوجه إليه وتجنب أيضًا فورة الشعب الذى ما زال فى حالة ثورية خمدت قليلاً تحت وطأة الحاجة إلى عبور الفترة الانتقالية فى أسرع وقت.


10 أخطاء رئيسة ارتكبها مبارك يجب عدم تكرارها مجددًا من الرئيس المقبل، سواء كان ثوريًا جاء من ميدان التحرير، أو فلوليًا خرج من رحم النظام السابق الذى أسقطت الثورة رأسه وتحاول الآن اجتثاث جذوره.


1
الأسرة الحاكمة

دفع الرئيس المخلوع ضريبة غالية لإقحام أسرته فى شؤون الحكم، وخاصة ابنه الأصغر جمال مبارك، الذى تسبب تدرجه السريع فى المناصب السياسية داخل الحزب الوطنى الحاكم فى غضب عارم ورفض شعبى لـ«مشروع التوريث» الذى كانت كل الشواهد والأدلة تؤكد أنه قادم لا محالة. ولم يكن جمال فقط هو من اقتحم من عائلة مبارك العمل العام، فزوجة الرئيس سوزان ثابت كان لها هى الأخرى نصيب من الأعمال الاجتماعية والتثقيفية باعتبارها «سيدة مصر الأولى» كما كانت تلقب، فى حين كان يظهر علاء الابن الأكبر فى مباريات كرة القدم والدورات الرمضانية فحسب وكان يحظى بقبول واسع.
تحولت أسرة رئيس الجمهورية فى عهد مبارك، من عائلة موظف يجلس على قمة السلطة التنفيذية، إلى نموذج شبيه بالعائلة المالكة التى تسيطر وتستحوذ وتملك على أشياء كثيرة، كشفت الثورة قدرًا منها.

2
أهل الثقة

اعتمد مبارك طوال سنوات حكمه على أهل الثقة، وضمت حاشية المخلوع قيادات، أغلبها حاليًا فى السجن، دانت له بالولاء الكامل ورسخت أفكارا مثل «الرئيس الأب» و«القائد الحكيم» فى أذهان المصريين طوال الثلاثين عامًا.
حاشية مبارك ضمت مجموعة من أبرز المتهمين بالإفساد السياسى للمجتمع، على رأسهم: زكريا عزمى وفتحى سرور وصفوت الشريف ومفيد شهاب وحبيب العادلى وغيرهم، إضافة إلى جيل الشباب الذى ارتبط بعلاقات وثيقة مع جمال مبارك أمثال أنس الفقى وأحمد عز وغيرهما.
وقاد أهل الثقة الرئيس وأبناءه إلى الهاوية بعدما تسببت سياساتهم فى إفقار الشعب وتردى مستوى الخدمات الأساسية المقدمة له فى مختلف النواحى.

3
احتقار مطالب الشعب

يرتبط هذا الخطأ بسابقه، إذ انتقل مبارك من تسفيه المعارضة إلى تسفيه احتياجات شعبه عمومًا، وظهر ذلك فى مقولته الشهيرة التى رددها أيضًا فى الأيام الأخيرة من حكمه: «هو أنا هاشوف كل مشاكل البلد يا راجل كبر مخك». عقّب مبارك بتلك الكلمات أثناء مؤتمر له، على أحد الحضور الذين ذكّروه بقضايا جماهيرية لم يشر إليها فى حديثه، ولم تكن تلك الطريقة هى الوحيدة التى يلجأ إليها مبارك للتعامل مع أزمات الشعب أو احتياجاته الرئيسة بل كانت هناك طريقة أخرى تعتمد على تصدير المشكلة إلى الشعب بدلاً من البحث عن علاج لها، فمثلاً قال مبارك مرارًا إن السبب الرئيسى لأكثر الأزمات المجتمعية هو «الزيادة السكانية» التى تلتهم الموارد، على حد قوله.
التعامل مع الشعب على أنهم «الأبناء» والرئيس هو «الأب الحنون» الذى يدافع عنهم ويحميهم، لم يخلف لمبارك إلا رصيدًا هائلاً من الغضب بسبب سياساته التى ترتب عليها انتشار الفساد فى جميع المؤسسات وانعكاسه على كل المواطنين دون استثناء.

4
مواكب الرئيس

زيارات الرئيس السابق للمحافظات الأخرى، كانت تتسبب بشكل رئيسى فى توقف مصالح كثيرين بسبب غلق أغلب الطرق من أجل مرور الرئيس وموكبه، وكذلك تواجده لافتتاح أحد المشروعات أو المناسبات داخل القاهرة كان يؤدى إلى شلل تامٍ فى الحركة داخل العاصمة.
أعباء ظهور الرئيس فى المناسبات والاحتفالات كانت تفوق بأضعاف كثيرة ما قد يجنيه الشعب من هذه الزيارة.

5
تفاوت القوى

منحت سياسات الرئيس مبارك بعض المؤسسات داخل الدولة قوة إضافية إلى قوتها، كان على رأسها وزارة الداخلية التى فضلاً عن ممارساتها السلبية التى تضاعفت فى السنوات الأخيرة من حكم المخلوع كانت نقطة قوة تمركز حولها النظام السابق.
فبالإضافة إلى مهامها الطبيعية كوزارة تعنى بتوفير الأمن الداخلى وحماية المواطنين، منحت الداخلية امتيازات أخرى فكانت مسؤولة عن قرعة الحج وعن كشوف الانتخابات، إضافة إلى مسؤوليتها عن السجل المدنى، والمرور، وغير ذلك. وكما يتعين على الدستور المقبل الموازنة والفصل بين السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، يتعين على الرئيس المقبل، الموجود على قمة الهرم التنفيذى أن يوازن بين الأدوار الممنوحة للوزارات والهيئات المختلفة كى لا تطغى إحداها على الأخرى ولا يطغى وزير على آخر.

6
تسفيه المعارضة

«خليهم يتسلوا».. الجملة الأبرز فى أحاديث مبارك خلال أشهره الأخيرة فى الحكم، قالها المخلوع تعقيبًا على «البرلمان الموازى» الذى أنشأته قوى المعارضة احتجاجًا على التزوير الذى شهدته انتخابات برلمان 2010. تعكس «خليهم يتسلوا» الطريقة التى كان يتعامل بها الرئيس مع المعارضة، وهى طريقة تعتمد على التسفيه والتقليل من قيمة وقوة المعارضين، ثم إذا ما بدت لهم قوة جاءت حملات «التشويه» لتحافظ للحزب الوطنى على صدارة المشهد السياسى.
الرئيس الجديد، سواء جاء ممثلاً للأغلبية البرلمانية المتمثلة فى حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أو منشقًا عنها ومعارضًا لأفكارها أو غير ذلك، سيكون التحدى أمامه كبيرا لمواجهة المعارضة سواء بالوقوف أمام هجماتها عبر المؤسسات الشرعية المنتخبة مثل البرلمان، أو عبر الوسيلة الثورية لمناهضة الحاكم وهى المظاهرات الحاشدة، وسيكون التحدى أكبر لمحاولة احتواء تلك القوى فى مشروع وطنى واحد.

7
خطابات الرئيس

خطابات الرئيس مبارك كانت انعكاسًا لكل ما سبق، طويلة للغاية، مكتوبة باللغة الفصحى وموجهة لشعب لا يجيد قطاع كبير منه القراءة والكتابة حتى يفهم ما كان يكتبه مبارك بالفصحى، لم تكن خطابات مبارك تتطرق أيضًا لعلاج الأزمات بشكل تفصيلى، بل كانت تعرّج فقط على العموميات ما كان يوحى بأن شخص رئيس الجمهورية فى واد منعزل عما يشعر به الشعب وما يعانيه.

8
تزوير الانتخابات

بطريقة فجّة، كان النظام السابق يزور الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وكانت نتائج تأييد مبارك فى الاستفتاء الرئاسى تتجاوز الـ%90, وسلب نظام مبارك الشعب إرادته فى اختيار مرشحيه أكثر من مرة، أبرزها كان فى آخر انتخابات برلمانية سبقت الثورة، حين اكتسح «الوطنى» بالتزوير الانتخابات متفوقًا على كل منافسيه، ثم خرج بعد ذلك أحمد عز القيادى بالحزب الوطنى ليشرح على صفحات الجرائد كيف نجح الحزب فى الفوز بعبقرية بمقاعد البرلمان، لتكون أيضًا ضمن الأسباب الرئيسية أيضًا لتزايد موجات الغضب واندلاع الثورة، وإذا قدم الرئيس الجديد من جماعة الإخوان المسلمين ذات الأغلبية البرلمانية فستكون الاتهامات الموجهة إليه فى هذا الشأن أكثر حدة.

9
التفاعل مع الكوارث المجتمعية

بينما كان آلاف المصريين يقفون فى الثانى من فبراير 2006 فى ميناء سفاجا ينتظرون والقلق يقتلهم أنباء العثور على ذويهم بعد حادث العبارة «السلام 98» الذى راح ضحيته ما يزيد على 1000 مواطن، كان الرئيس حسنى مبارك يتأهب لتوجيه رسالة إلى المنتخب المصرى الذى يخوض فى الفترة نفسها مباريات فى الأدوار النهائية لكأس الأمم الأفريقية، ثم متابعة المباراة النهائية بعدها بأيام من المدرجات.
ولم يتفاعل الرئيس المخلوع أيضًا مع كوارث أخرى بالغة الأهمية مثل قطار الصعيد، الذى عقّب عليه بكلمة أذاعها التليفزيون قال فيها إنه طالب الجهات المسؤولة بالكشف عن أسباب الحادث لمعاقبة المقصرين، ووعد بحل الأزمة ومراجعة نظم الأمان بكل وسائل المواصلات فى مصر.

10
شماعة الإرهاب

رغم أن عصر مبارك شهد اضطرابات أمنية وتفجيرات كانت تنسب كثيرًا إلى «قوى الإرهاب والظلام» فإن ذلك لم يمنع أتباع المخلوع من التأكيد على أن الرئيس جنب مصر مخاطر كثيرة.
وردد نظام مبارك كثيرًا أن إحكام القبضة الأمنية يأتى لتجفيف منابع الإرهاب الداخلى الذى تتبناه جماعات إسلامية متشددة والإرهاب الخارجى الذى يصدره الصراع داخل الأراضى الفلسطينية إلى سيناء من جماعات إرهابية مسلحة تعبر الحدود عن طريق الأنفاق. وكانت الأجهزة الأمنية تشن حملات مكثفة تعتقل خلالها المئات وربما الآلاف عقب أى حدث إرهابى وهو أمر زاد أيضًا حالة الاحتقان ضد الشرطة والداخلية والنظام بأكمله. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق